حدثوا الناس بما يعرفون
إن ثمرة دعوتنا للناس وخطابنا لهم تتحقق حين يفهمون الخطاب ويعقلونه ثم يتحول الأمر إلى سلوك عملي واستجابة .
وما لم يكن الخطاب مناسبا للناس تبلغه عقولهم وتدركه أفهامهم فلن يتحقق المقصود منه .
لذا صح عن علي – رضي الله عنه – أنه قال : " حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله ؟ " رواه البخاري .
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال : " ما أنت بمحدث قوما حديثا لاتبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " رواه مسلم في مقدمة الصحيح.
وتحديث الناس بما يعرفون له جانبان :
الأول :
يتعلق بأسلوب الخطاب وذلك بأن يخاطب الناس بلغة سهلة واضحة وأ ن يبتعد المتحدث عن التقعر والتلكف والبحث عن الألفاظ الغريبة وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم هذا المسلك فقال : " إن الله عزوجل يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها "رواه أحمد والترمذي .
وعن أبي أمامة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الحياء والعي شعبتان من الإيمان والبذاءة والبيان شعبتان من النفاق " رواه أحمد والترمذي’ قال الترمذي [والعي: قلة الكلام ’ والبذاءة :هو الفحش في الكلام ’ والبيان : هو كثرة الكلام مثل هؤلاء الخطباء الذين يخطبون فيوسعون في الكلام ويتفصحون فيه من مدح الناس فيما لايرضي الله ".
وأحيانا يدفع التكلف صاحبه إلى هجر المصطلحات الشرعية والبحث عن مصطلحات حادثة.
الثاني :
يتعلق بمضمون الخطاب فليس كل مايُعلم يقال والعامة إنما يُدعون للأمور الواضحة من الكتاب والسنة بخلاف دقائق المسائل سواء أكانت من المسائل الخبرية أم من المسائل العملية.
ومايسع الناس جهله ولايكلفون بعلمه أمر نسبي يختلف باختلاف الناس وهو في دائرة العامة أوسع منه في دائرة طلبة العلم .
وهاهو النبي صلى الله عليه وسلم إمام الدعاة وقائدهم حين يأتيه رجل يسأله عما يدعو إليه أو يسأله عما يجب عليه أن يفعله يجيبه النبي صلى الله عليه وسلم بالجمل الثابتة الظاهرة من دعوته صلى الله عليه وسلم : توحيد الله –تبارك وتعالى- إقام الصلاة وإيتاء الزكاة , الصوم , الحج , صلة الأرحام, كسر الأوثان ...الخ, ولم يدعُ النبي صلى الله عليه وسلم أمثال هؤلاء إلى مسائل فرعية أو خفية.
ومن ذلك تحديث الناس بما يُشكِلُ عليهم فهمه أو يُخشى أن ينزلوه على غير تنزيله ويتأولوه على غير تأويله , ........... .
فحري بالدعاةإلى الله –تبارك وتعالى- أن يتدارسوا هذه الآداب ويعتنوا برعايتها وتطبيقها.
منقوووووووووووووووول